الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

همسة في آذان الساسة



محمد محمود ولد سيدي عالي




في بعض الأوقات تشعر بالرغبة الملحة في الصراخ بأعلى صوتك حتى يسمعك الآخرون ببساطة هذه هي حال المواطن الموريتاني هذه الأيام وهو يتابع الصراع الدائر بين الطبقة السياسية حول مسألة الانتخابات،في الوقت الذي يغرق هذا المواطن من رأسه إلى أخمص قدميه في مشاكل لا تلوح لها بوادر حلول على الأقل على المدى القريب إن لم نقل على المدى المتوسط.
عاصمة تواصل رحلتها المجهولة نحو الأعماق وبنى تحتية متخلفة وارتفاع جنوني في أسعار وسائل النقل على قلتها وردائتها وأسر قذفت بها أمواج الأطلسي على أرصفة الشوارع المزدحمة بالمياه والأوساخ والروائح النتنة وأحياء ترقص حافية الشوارع وعارية الأسقف على أضواء الشموع والمصابيح اليدوية في انتظار أمل في الكهرباء لا يرونه إلا في أحلامهم.

مشكلة واحدة من هذه المشاكل كفيلة بإسقاط حكومة برئيسها لوحدثت في دولة تحترم نفسها فما بالك لو حدثت كلها في دولة واحدة وفي وقت واحد مع العلم أن قائمة المشاكل لا يمكن حصرها في بلدنا الحبيب ولا فائدة من تعدادها لأن الوقت لن يسعفنا ولأن التغاضي عنها قد يكون أكثر جدوائية من تعريتها من باب "من ستر مسلماّ...." أحرى بمن ستر دولة بسمكها وحديدها وذهبها ونحاسها وبترولها وما أنعم الله عليها من فضله وجوده وكرمه.
لن نجادل قطعا في أن الحكومة تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الوضعية المزرية التي تعيشها بلاد شنقيط ،ما دمنا في دولة ديمقراطية تختار حكوماتها تكليفا لا تشريفا حتى تنهض بها وتحقق لها أمنها ورفاهيتها،كما لن نجادل أيضا في أن كل هذه المعاناة هي نتاج لتراكمات طويلة من الفساد والإهمال وسوء التسيير وغياب العدالة الاجتماعية وهيمنة القبيلة وتحكمها في مفاصل الدولة.الأمر الذي يجعل القضاء على هذه التراكمات يتطلب بعض الوقت الذي قد يطول مادامت حكوماتنا تسير ببطئها الذي يكتم الأنفاس ويحرق الأعصاب،ومادام هذا الشعب الطيب المسالم صابرا محتسبا يحسن الظن بالله أولا ويختلف على طبقته السياسية ويؤثر الأمن والاستقرار على حساب مصالحه وحقه في العيش الكريم.
كلنا متفق على أن هذا الشعب العظيم يستحق أن ينفض عنه غبار الفقر والجهل والتخلف وأن ينعم بالتقدم والرفاهية،الأمر الذي يستدعي من الطبقة السياسية التضحية ببعض مصالحها من أجل نهضة هذا الشعب الطيب وحتى لا يخرج عن صمته،لأن استمرار الصراع بين هذه الطبقة يفاقم الأوضاع ويعرقل مسيرة التنمية في الدولة ولا يخدم مصالح الشعب الذي فوضهم في الدفاع عن هذه المصالح.
فعلى الموالاة أن تفهم أن دورها ليس هو الدفاع عن الحكومة كما يتصور بعضهم لأن ذلك يجعلهم ممثلين للحكومة وليس للشعب،بل يتعين عليهم الدفاع عن مصالح هذا الأخير وحث الحكومة على تقديم الأحسن والأفضل جنبا إلى جنب مع المعارضة،إن لم يكن بقوة واستماتة أكثر،وفي المقابل ينبغي أن تفهم المعارضة أن دورها لا يكمن في الحرص على الوصول إلى السلطة بقدر ما يوجد وبقوة في التوجيه والإرشاد والمشاركة في كل عملية قد تخدم الوطن والمواطن ولو على حساب طموحاتها الشخصية،أما أن يتصلب كل طرف على موقفه فلا تسأل عن استقرار ولا تنمية ولاهم يحزنون.
هذه همسة في آذان ساستنا قبل أن تكون صرخة في وجوههم .فكروا في مشاكلنا ولو لمرة واحدة،وحاولوا التضحية من أجلنا نحن الذين طالما ضحينا لأجلكم وكنا معكم في حلو الحياة ومرها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق