الاثنين، 12 يناير 2015

مدينة سيلبابي..عندما تصبح الكتابة بطعم الكآبة

محمد محمود ولد سيدي عالي
عندما تحرٌنٌ الأقلام وتترجل الكلمات تصبح الكتابة بطعم الكآبة مملة بلا لون ولا رائحة ويصبح الجمال جمادا لا نحسه ولا نشعر بتفاصيله الملهمة  لأن شروخ المعاناة على الوجوه المحترقة أكثر فصاحة وأبلغ حديثا عندما تحكي قصة الإنسان في مدينة سيلبابي وصراعه الذي لا ينتهي مع العطش وكأن الزمن قد توقف في ذلك المكان البعيد.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى كما يقال فما إن يحل فصل الصيف وترتفع درجات الحرارة حتى تجف الآبار وتتوقف الحنفيات عن الضخ وتبدأ رحلة البحث عن جرعة الماء تحت الأشعة الحارقة في مشهد متكرر تصحو عليه المدينة المسالمة كل يوم بناسها ودوابها ولسان حالهم يقول:أما آن لهذه المأساة أن تنتهي؟أهي قسوة الوطن أم لعنة الجغرافيا أم هي "موريتانيا الأعماق"في أبهى تجلياتها وأكثرها دقة ووضوحا؟.
ليس من عادة المدينة الصابرة أن تصرخ وقد حق لها الصراخ لكنها تعودت أن تبقى على الهامش مثل معظم المدن الداخلية في هذا الوطن الحبيب ولا يتذكرها المعنيون إلا في المواسم الانتخابية رغم أنها تمتلك من الثروات الزراعية والحيوانية وأهم من ذلك كله ما تتمتع به من تنوع بشري جميل مايغري بالإستثمار فيها بدلا من إهمالها ودعمها بدلا من تهميشها وقد يسمح لها موقعها الجغرافي المحاذي لدولتين جارتين هما مالي والسينغال من جعلها قطبا تنمويا هاما يعود استثماره وتنميته على المدينة وسكانها والوطن ككل بالخير الكثير.
تواصل المدينة إذن قصتها مع العطش دون أن تحرك الجهات المعنية أي ساكن ولا يبدوا أنها ستفعل مادامت سياسة الوعود الفارغة هي المسيطرة في كل حملة انتخابية يظن المواطن فيها أن أحلامه أصبحت قاب قوسين أو أدنى من أن تتحقق ليكتشف متأخرا أنها لم تكن سوى أحلاما جميلة وانتهت  بانتهاء الإقتراع وأن عليه أن ينتظر موسما أنتخابيا آخر حتى يتسنى له أن يعيش فيه أحلاما وردية أخرى،الأمر الذي يجعل الحاجة تبدو ملحة لحملة مكثفة من كل أبناء المدينة ومثقفيها وعلى كل المنابرمن أجل التحسيس بمعاناتها ولفت الانتباه إلى أوضاعها المزرية وحث الدولة على معالجة كل تلك المشكلات بعيدا عن نزق السياسة ومنطق الموالاة والمعارضة.
ليست هذه دعوة للصراخ حتى لا تخرج عن سياقها الطبيعي فمشاكل المدينة لا تحل بالصراخ وليس العطش إلا غيض من فيض من المشاكل لا يتسع المقام لذكرها وربما نخصص لها مقالات أخرى،وإنما هي صورة صادقة عن مدينة كانت ستبدو أكثر رفاهية لو أنصفها الدهر والوطن لكن عزاءها في ذلك أنها ليست الوحيدة في وطن قدر له أن يعاني ظلم الأبناء وإنه لظلم كبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق